معنى الحديث الشريف: قَالَ النَّبِيَّ -صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
« مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»

قوله عليه الصلاة والسلام: مَن أصبح منكم: أي: أيُّ عبد من العباد عاش منكم وجاء عليه الصبح،
وقُدِّر له أن يعيش يومًا جديدًا، وهذا بحد ذاته من النعم التي لا يدركها كثيرٌ من الخلق،
وهو أن تعيش يومًا جديدًا؛ لتكون معك الفرصة للتزود من الطاعات والعبادات والقربات لرب البريات سبحانه.


وقوله: مِنًا في سِرْبِهِ: أي: يأمن في بيته على نفسه وأهله وأولاده وعلى من يعول، وهذه من أوفر النعم،
وهي نعمة الأمن والأمان، التي لا يدرك قيمتها إلا من يعيش في بلد فيه الحروب والقلاقل والفتن، والعياذ بالله تعالى.


وقوله عليه الصلاة والسلام: معافًى في جسده: أي: من حصلت له العافية والصحة في جسده، وسلمه الله جل وعلا من الأمراض والأوجاع والآفات والعلل الجسدية، وكان صحيحًا سليمًا.


وقوله عليه الصلاة والسلام: عنده قوتُ يومِهِ .. أي: من توفر له قوت ورزق يومه الذي يعيش فيه من الطعام والشراب والمؤونة ما يكفيه، فهذه كذلك من النعم العظيمة التي أنعم الله تعالى بها على العباد، فكم من إنسان في مشارق الأرض ومغاربها لا يجد ما يسدُّ به جوعته أو رمقه! فلله الحمد والمنة والفضل.


وقوله عليه الصلاة والسلام: فكأنَّما حِيزَتْ له الدُّنيا بحذافيرها: أي: فكأنه ملك الدنيا وجمعت له،
فالذي توفر له الأمان، وتوفرت له العافية، وتوفر له القوت والرزق، فحاله كحال الذي حاز وملك الدنيا،
فلا يحتاج إلى شيء آخر بعد هذا النعيم الذي هو فيه من ربه وخالقه ومولاه سبحانه وتعالى.

ويشير الحديث إلى معنًى مهم؛ ألا وهو ضرورة حاجة الإنسان إلى الأمان والعافية والقوت،
وأن الواجب على العبد أن يشكر الله تعالى ويحمده إن حصَّل هذه النعم العظيمة الجليلة،
التي لا يعي قيمتها وقدرها إلا من حُرمها أو حُرم شيئًا منها.