معلومات العضو | ✯✯✯ ܔ الـمشرف الـعـام ܔ ✯✯✯ بين تلال الحمرة يطير قلبي |
إحصائية العضو | رقم العضوية : تاريخ الانتساب : 11/08/2012 عدد المساهمات : 3319 نقاط نشاط العضو : 11193 الاقامة : الاردن / ارض البلقا |
| موضوع: محمد سالم ابوالغنم الزعيم محمد سالم ابوالغنم الزعيم الشيخ الزعيم محمد السالم ابوالغنم مع ملك البحرين في مادبا محمد سالم أبو الغنم: شيخ العشيرة ومرجع القضاة
هزاع البراري - تنتصب بلدة «الفيصلية» على قمة تمتد كراحة اليد، مشرفة على الوادي المقدس حيث نهر الأردن يتعمق في تفاصيل البحر الميت، فبلدة «الفيصلية» الواقعة إلى الغرب قليلاً من مدينة مادبا، على تخوم جبل نبو، حيث تقبع القداسة، ويتعاظم أثر التاريخ، فهذا الموقع الديني والأثري الفريد، جعل من الفيصلية محط مهج الحجاج المسيحيين، القادمين من كل أصقاع الأرض، إن لم يصلوا إليها بأجسادهم وأرواحهم، حجوا إليها بقلوبهم، فلا يمكن فصل نبو عن الفيصلية، التي زارها الباباوات منذ زمن ليس بالقريب، وقد لعب رجالات البلدة دوراً كبيراً في الحراك الاجتماعي والسياسي، الذي شهدته المنطقة منذ أواخر العهد العثماني، حيث كانت مادبا جزءا من البلقاء، التي شكلت قلب الأردن المتفاعل مع الأحداث التي اجتاحت البلاد، فلم تكن البلقاء الممتدة جغرافياً بين زرقاء ماعين وسيل الزرقاء، منكفئة على نفسها، بل كان لها نفوذها القيادي الذي شمل بلدات من الضفة الغربية وسهل بيسان. بقيت السلط حاضرة البلقاء فترة طويلة، لكن الزعامة العامة بقيت بيد العدوان، رغم احتفاظ العشائر المختلفة بزعاماتها الخاصة، وقد شكلت عشائر «البلقاوية» في مادبا جناحاً مهماً في تركيبة البنية العشائرية في البلقاء، التي بنت ما يشبه الوحدة السياسية الواحدة، فمع دخول القرن العشرين، وظهور بوادر التغير الشامل، ولد الشيخ والقاضي العشائري محمد سالم أبو الغنم، نحو عام 1907م، وكان بيته بيت زعامة العشيرة، فوالده سالم كان شيخاً حظي بمكانة كبيرة، لذا فقد تربى محمد أبو الغنم على قيم خاصة، تؤهل أبناء الشيوخ للمهام المستقبلية التي تنتظرهم، فنشأ على الفروسية المعتمدة على الشجاعة والإقدام، وانفتح على مدرسة الحياة القاسية، من خلال «شق» والده الذي يعد مضافة يجتمع فيها الرجال، وتناقش فيها الأحداث، وتتخذ المواقف، ويتم فيها قضاء حوائج الناس، وإغاثة الملهوفين ومساعدة الضعفاء، وتعقد فيها محاكمات القضاء العشائري، مما يجعل من الشق أو المضافة جامعة حقيقية توفر المعرفة، وتقدم الخبرات الخالصة التي تصقل الشخصية، وتجعل من الأطفال رجالاً، نظراً لطبيعة الصعبة الحياة حينها. تلقى الشيخ محمد أبو الغنم تعليماً أولياً في الكتاتيب، فلم تكن المدارس في ذلك الوقت في متناول الناس، إلا بشق الأنفس، فكان الصغار يتعلمون، من خلال انصهارهم في عالم الكبار، لذا وجد محمد أبو الغنم نفسه في مواجهة الحياة، لا يترك أثراً فيها إلا بقدر ما يتعلم منها، وقد تسلم الزعامة بعد وفاة والده، شقيقه الأكبر مطلق سالم أبو الغنم، فكان قريباً منه، معاضداً له، بل كان مستشاره وساعده الأيمن، مما جعله محبوباً من الناس، قادراً على مساعدتهم والانتصار للمظلوم منهم، وقد أكسبته هذه المرحلة خبرات ومعارف في شؤون العشائر، مكنته من توطيد مكانته بين العشائر البلقاوية وغيرها، فقد عرف بالفراسة وسرعة البديهة، والجرأة في اتخاذ المواقف، مما أضفى عليه مهابة خاصة، ووقار جعل منه شخصية لافتة ذات تأثير كبير، في الناس والأحداث، وهذه السمات أهلته للمهام الوطنية التي أوكلت إليه. أصبح محمد سالم أبو الغنم شيخ مشايخ العشائر البلقاوية في مادبا، مفتتحاً عهداً جديداً لمكانة مادبا في التركيبة العشائرية للبلقاء، وتمكن خلال فترة وجيزة من تحقيق منزلة اجتماعية لافتة، جعلت منه مرجعاً في كثير من القضايا الشائكة، وقاضياً عشائرياً تقاطر عليه طالبوالحق من داخل الأردن وخارجه، فقد عرف بسعة معرفته، ونزاهته في القضاء، ومساهمته الواضحة في إصلاح ذات البين، وقد عمل على جمع عشائره على رأي واحد، مما جعل لها ثقلاً يحسب حسابه، موظفاً في مهامه خبراته التي توارثها عن أبيه وشقيقه الأكبر، حيث حظي استلامه للمشيخة بمباركة ملكية، أكدت عليها الإرادة الملكية السامية، ليكون محمد أبو الغنم خير خلف لخير سلف. كان أبو الغنم عروبياً قومياً بالفطرة، مؤيداً لمبادئ الثورة العربية الكبرى، ومتنسماً نهجها، وقد شغلته القضية الفلسطينية قبل حدوث النكبة بوقت طويل، عندما تنبه مع عدد من رجالات الأردن، لخطر الهجرة اليهودية، وبيع الأراضي للوكالة اليهودية، وحين عقد مؤتمر «بلودان» في سوريا، لنصرة القضية الفلسطينية، عام 1937م، شارك بفعالياته مع مجموعة من رجالات الأردن، وبمبادرة شخصية، ولم يتوان عن اتخاذ المواقف الوطنية ذات الصبغة القومية، مستعداً لدفع الثمن مهما غلا، لذا عندما عاد من السفر، تم إبعاده إلى بلدة القصر في الكرك، وقد اعتبر ذلك واجباً عليه النهوض به وتحمل عواقبه، فعاش بين أهل الكرك ضيفاً كبيراً وعزيزاً، حتى عاد إلى الفيصلية على أطراف مادبا الغربية. كان للشيخ محمد أبو الغنم مكانته الاجتماعية السياسية، مساهماً في بناء الدولة الأردنية الحديثة، لذا خاض انتخابات مجلس النواب الثاني التي أقيمت عام 20 /4 /1950م، وقد حقق الفوز بهذه الانتخابات، وأصبح بذلك عضواً في البرلمان ممثلا عن مدينة مادبا، وقد مكنه هذا المجلس من خدمة وطنه على نطاق أوسع، وتقديم خدمات لمنطقته، إضافة للخبرات التشريعية التي اكتسبها، وقد متنت هذه التجربة حضوره بين الناس، وزادت من معارفه وشبكة علاقاته، فخاض انتخابات مجلس النواب للمرة الثانية، واستمرت عضويته في المجلس الثالث حتى العام1952م، وانتخب عضواً في البرلمان للمرة الثالثة في انتخابات المجلس الرابع حتى العام 1955م، وكان من البرلمانيين الجديين، القادرين على العمل التشريعي والرقابي بفعالية عالية، حفظت له مكانة متميزة في هذا المجال. ارتبط الشيخ محمد أبو الغنم بالأمير - الملك - المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين، وقد عاصر فترة انتقال مقاليد الحكم إلى الملك طلال عقب استشهاد الملك عبد الله المؤسس على عتبات المسجد الأقصى، واختير ضمن الوفد الأردني الرسمي، لاستقبال الملك طلال بن عبد الله عند عودته إلى أرض الوطن بعيد استشهاد والده الملك لاستلام أمانة الحكم، ولعل هذا التكريم الذي كان الشيخ أبو الغنم جاء تأكيداً على مكانته التي استحقها، قد دلل على ما تمتع من مكانة وطنية كبيرة، جعلته دائماً في موضع المسؤولية والتكريم، وعلى الصعيد الشعبي، استحق حب الناس وتعلقهم به، وخدماته في هذا المجال لا تحصى، حيث كان من أصحاب الرأي في داخل منطقة البلقاء وخارجها، لذا فقد كان شخصية ذات امتدادات متعددة، غير أنه بقي مخلصاً لمادبا محباً لأهلها، متفانياً في خدمته سكانها وتحسين بنيتها التحتية. لقد تعددت أنشطة الشيخ محمد أبو الغنم، فعندما أفتتح أول خط طيران مباشر بين الأردن وإيطاليا، كان أحد أعضاء الوفد الأردني الرسمي، الذي مثل المملكة في الاحتفال الرئيسي بهذه المناسبة، الذي أقيم في عمان وروما، وفي العام 1972م، ترأس اللجنة التحضيرية للإتحاد الوطني العربي الأردني لمدينة مادبا، لم يتوان الشيخ محمد سالم أبو الغنم عن الاضطلاع بمهامه، والدفاع عن المحتاجين وأصحاب الحقوق، معتبراً ذلك وجباً وطنياً لا يستهان به، ولم يفارق مدينة مادبا حتى وافته المنية فيها، في السادس من شهر آب من عام 1976م، وترك فقده حزناً عميقاً، وفراغاً يذكر به، وقد رثاه الصحفي العراقي الكبير، اسكندر معروف صاحب جريدة «العروبة» العراقية، الذي كان لاجئاً في الأردن، كما كتب معالي ضيف الله الحمود مقالة بعنوان «وفي الليلة الظلماء» رثاه فيها، وتحدث عن مكانته وصفاته النبيلة، ومازال ذكره حياً كالشجرة الطيبة.كتبة:هزاع البراري
توقيع : وميض | ان لم تجدوني بين اروقة هذا المكان يوما .... فاعلموا اني في شدة واحتاج لدعائكم .. او قد اكون مفارقة الحياة . . فتذكروني بخير |
|